الاستراتيجية والتخطيط

أسرار الاستهداف الناجح – 1 : لماذا التقسيم والاستهداف؟

ستظل جزئية وضع الاستراتيجية التسويقية – Marketing Strategy من أكثر الأجزاء متعة و أهمية فى التسويق، ان الاستراتيجية تشمل تقسيمك للسوق، واستهدافك لشريحة مربحة، وتكوين صورة ذهنية ثابتة كالجبل في أذهان المشترين – Positioning.

سريعاً سأخبرك بأهمية التقسيم – Segmentation و الاستهداف – Targeting ..

اذا اردت الدخول الى عالم الاعمال بمنتج أو خدمة، لماذا عليك ان تقسّم سوقك الى شرائح سوقية أصغر، ثم تستهدف كل شريحة سوقية من هذه الشرائح بالمزيج التسويقي – Marketing Mix الذى يناسبها؟ لماذا لا تفعل مثل الكثير من الشركات، التي لا تعبأ كثيراً بالتسويق، وتجدها تقدم خدمة او منتج يخاطب الجميع بنفس الرسالة التسويقية.

أولاً يجب ان تعلم جيداً ان من اهم المصطلحات التسويقية فى عالم اليوم مصطلح الحاجات – Needs، لدرجة أؤكد لك فيها، ان الفارق الأساسى بين التسويق فى العصر القديم، وبين التسويق الحديث، هو اشباع الاحتياجات.

لن تجد افضل من يؤكد ذلك من كوتلر نفسه عندما اخبرنا ان التسويق الحديث يتعلق باشباع احتياجات الناس بشكل مربح – Satisfying Customer Needs .
kotlerان هذا التعريف او الاتجاه في فهم التسويق قد غيّر كل شئ. لقد غيّر فكر الشركات القاصر على تقديم، بإقحام، منتجات وخدمات إلى الأسواق، ثم البحث على اقدر الأشخاص لبيع هذه المنتجات. ان الامر اليوم تغير ليبدأ التسويق مبكراً جداً. انه يبحث عن احتياجات الناس، ثم يطور منتجات تشبع هذه الاحتياجات.

الآن يأتي السؤال المهم.. هل احتياجات الناس فى الاسواق كلها متشابهة أو متطابقة؟ هل احتياجات الموظف كاحتياجات ربة البيت، كإحتياجات طالب الجامعة أو تلميذ المدرسة؟ لو كان الأمر كذلك فسوف نقدم نفس المنتج ونفس المزيج التسويق للجميع بدون اي تفرقة، ولن يكون هناك أدنى داعي للتقسيم.

لكن الواقع يقول ان شرائح المجتمع المختلفة لديها اختلافات فى احتياجاتها. بالطبع هذه الاختلافات تعود في المقام الأول لطبيعة المنتج أو الخدمة نفسها.

معنى ذلك أنك تقسّم السوق لانك مقتنع بأن احتياجات السوق هى ماتحرك الشركة، وبالتالى انك تقسم السوق، لكى تستهدف كل شريحة بمزيج تسويقي مختلف يشبع احتياجاتها المختلفة. هذا سوف يحقق نجاح تسويقى كبير لانك تشبع احتياجات المشترين بشكل أفضل كثيراً.

سأعطيك مثال سريع..

شركة اديداس – Adidas من أشهر الشركات التي تطبق التسويق فى شكله العبقرى، وتقدم منتجات رياضية، وهي معروفة بالأحذية الرياضية على وجه الخصوص.adidas
عندما بدأت الشركة كانت تركّز بشكل كبير على شريحة الرجال، اى انها قسّمت سوقها إلى رجال ونساء، ولأن الشريحتين السوقتين لديهم احتياجاتهم المختلفة، فكان عليها ان تقرر اما شريحة الرجال أو شريحة النساء (بافتراض أنه لا يوجد اى اختلاف بين الرجال والنساء بالنسبة للاحذية الرياضية فلن يكون هناك داعى للتقسيم).

وجدت اديداس ان الافضل لها استهداف شريحة الرجال. أما عن كيفية معرفة (الافضل) لها، فهذا هو سبب كتابتى هذه السلسلة القصيرة، وهذا ما سأتحدث عنه بدقة فى المرة القادمة.

المهم أن اديداس اكتفت بشريحة واحدة من الشرائح بعد التقسيم، وشريحة الرجال هذه كانت الشريحة المستهدفة وذلك طبقاً لما يعرف ب إستراتيجية التركيز – Concentrated Marketing .

مع الوقت بدأت تدخل اديداس فى استراتيجية أخرى هي الاستهداف لشرائح مختلفة – Differentiated Marketing، عندما بدأت تطور منتجات واحذية رياضية خاصة بشريحة النساء.female
لأن اديداس، مثلها مثل اى شركة محترفة تسويقياً، فهى لم تطور منتجات واحذية رياضية تشبع احتياجات الشريحتين في وقت واحد. ولكنها ركزّت فى تطويرها لمزيجها التسويقي على شريحة واحدة، و وضعت كل جهدها لإشباع احتياجات هذه الشريحة، فنجحت فى ذلك، وبعد هذا النجاح بدأت فى استهداف شريحة سوقية أخرى بمزيج تسويقي مختلف، وذلك لكى تشبع احتياجاته بدرجة متقنة.

اتفقنا إذن على ان الشركة سوف تطور مزيج تسويقي (منتج – سعر – توزيع – دعاية) مختلف لكل شريحة، ولكي يزيد اقتناعك سوف أعطيك مثال أخير.

ماذا يحدث عندما يكلم شخص هندى بلغته الهندية شخص مغربى ؟! هل تعتقد أن رسالته ستصل؟ بالطبع لا.

ماذا يحدث إذا تكلم شخص من القرن السابع عشر مع شخص من القرن الحالي؟ هل سيكون من السهولة أن يتفاهموا فيما بينهم؟ كيف وقد خرجت علينا العديد من المصطلحات والألفاظ الجديدة التي تتطورت مع الزمن، بالطبع لن يفهمها هذا الرجل من العصر الفائت.

أريدك الآن أن تراجع هذه الحالة الانجليزية الرائعة..

هل تعلم ماذا حدث هنا؟

لقد عاملت الحكومة الانجليزية الجميع بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب وبنفس اللغة، وهذا خطأ فادح تقع فيه الكثير من الشركات اليوم. ولكن عندما أدركت الخطأ، بدأت فى تقسيم سوقها، وبدأت فى تطوير رسالة دعائية مختلفة وخاصة جداً لفئة الشباب، بدأت تتحدث لغتهم، وبالتالى كانت الرسالة اقرب لهذه الفئة، وتم فهمها والتفاعل معها بسهولة أكبر.

لو اقتنعت بمنطق تقسيم السوق لكى تعامل كل شريحة فيها التعامل الذى يناسبها وتطوّر لها مزيجها التسويقي الخاص، فما هي إذن الشريحة السوقية التي عليك اختيارها؟ بمعنى آخر.. عندما أرادت اديداس أن تستهدف شريحة الرجال.. هل كان الأمر عشوائى؟! هذا ما ستعرفه فى التدوينة القادمة.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى