الترويج والإعلان

حالات إعلانية : مايكروسوفت “العاطفية” – “طفل” مينى كوبر

فى فقرة الحالات الاعلانية سوف تستمتع بكثير من الأفكار والتفسيرات التسويقية لإعلانات مبدعة من شركات عبقرية عالمية، وصلت من الخبرة والإبداع لأن تقدم اعلانات على أسس علمية سليمة وفى نفس الوقت مشوّق ومبهر للمشاهد. كل مرة فى هذه الفقرة نتناول دراسة بعض الحالات الاعلانية المبدعة:

مايكروسوفت تخاطب جيل التسعينات.

يبدو من احصائيات المدونة هنا ان معظم الزائرين يعبرون إلينا من بوابات فايرفوكس – Firefox، و جوجل كروم – Google chrome، وهذا ليس من باب المدح أو التسويق فى هذه المتصفحات الالكترونية، ولكن واضح ان انترنت اكسبلورور – IE تواجه أزمة حقيقية، والبارز جداً فى هذه الازمة ان سببها هو بطئ المتصفح بشكل عجيب مقارنة بالمنافسين الأقوياء سواء فاير فوكس و جوجل كروم.

على العموم فقد طورت مايكروسوفت اخيراً متصفحها الجديد IE، والذي من خلاله تعدك انها تحسنت وتطورت، ولكى تثبّت هذه الصورة فى أذهان الناس فى السوق، بدأت فى نشر إعلان عاطفي – emotional ad ، لم تركز فيه على خصائص المنتج الجديد او مزاياه، بل وجهت من خلاله رسالة عاطفية للغاية لجيل التسعينات الذي بدأ حياته مع الانترنت مع هذا المتصفح.
شعار انترنت اكسبلوروربدأت مايكروسوفت تذكرنا بكثير من الأشياء التى كبر معها وعليها هذا الجيل، وهذه حيلة لا تخيب غالباً فى ظل ان الإنسان عموماً يحب الذكريات السعيدة، فما بالك تذكيره بذكريات طفولته! يبدأ الإعلان ب “ربما لا تتذكرني، لكننا تقابلنا فى التسعينات”، وينتهى ب “حينها كان يبدو المستقبل مشرق، أنت نضجت.. ونحن كذلك”.

لا تنسى ان مايكروسوفت وجهت هذه الرسالة لهذا الجيل بالتحديد، ليس فقط لأنه من كبر ونضج على متصفح مايكروسوفت فى السابق، وربما يحنّ إليه، ولكن فى رأيى ان السبب التسويقى الأبرز فى هذه الحركة الاعلانية من مايكروسوفت هو أن هذا الجيل بالفعل هو الجيل المتواجد بكثافة بمعدل استخدام هائل الآن على الإنترنت، وهو جيل الشباب فى نفس الوقت، وفئة الشباب تكون الرابحة تجارياً بالنسبة للشركات فى الغالب، نظراً لسهولة العمل عليهم تسويقياً وترويجياً، ونظراً لأعدادهم الكبيرة في المجتمعات.

هذا الإعلان من افضل الاعلانات العاطفية التى رأيتها فى حياتى والتى تمس بشكل مبدع جداً المُشاهد، خصوصاً المُشاهد من الفئة المستهدفة من الإعلان. هل هي تجربة اعلانية وفقط، أم تجربة اعلانية وراءها تطور تسويقي من جانب مايكروسوفت؟ .. سنرى.

مينى كوبر .. الحب الصافى.

هذه الحالة الاعلانية ايضاً مبدعة وعاطفية فى المقام الأول، ولكنها تأتى هذه المرة من شركة مينى كوبر – Mini Cooper تلك السيارة الصغيرة، والتي أراها من أكبر الحالات التسويقية فى التاريخ التى تثبت أن الترويج يفعل الأعاجيب!%D9%85%D9%8A%D9%86%D9%89+%D9%83%D9%88%D8%A8%D8%B1

نعم.. فالسيارة الصغيرة لأول وهلة وبدون خبرة او تجربة من قبل، وبدون التأثير بالرسائل الترويجية سواء المباشرة أو غير المباشرة، لن تصدق حجم حب كثير من الناس حول العالم لها، ولن تصدق سعرها الذى يدفعه هؤلاء الناس للحصول على هذه السيارة الصغيرة العجيبة.

مينى كوبر اعتمدت على العلاقات العامة كعنصر اساسى وحيوى جداً للحصول على انتباه الناس، وخصوصاً الفئة التي تحب هذا النوع من السيارات الصغيرة السريعة.

اعتمادها مثلاً على الظهور فى أفلام هوليود ليس من قبيل الصدفة، فهى تريد بناء علامتها التجارية على أسس عاطفية بحتة، وبشكل ضمني غير مباشر، انها تريد (صنع حالة)، لا تريد بيع سيارة فقط، بل خلق مجتمع وأسلوب حياة خاص ومرتبط بهذه السيارة.

فى هذا الإعلان نجد أن مينى كوبر تقدم رسالة عاطفية للغاية، وهذه الرسالة مبنية على طريقة وأداة أسلوب الحياة – Lifestyle الشهيرة. أسلوب الحياة هى طريقة اعلانية لربط المنتج أو الخدمة بأسلوب حياة لفئة من الناس، أسلوب حياة قد يكون للرياضيين او الناجحين، او الطموحين، أو المنطلقين، أو المتحمسين.. الخ.

هنا فى هذا الإعلان تستخدم أسلوب الحياة لكن بطريقة أخرى أدهشتني، و لا أعلم إن كانت قصدت الشركة فى الإعلان فعل ذلك أم أنه جاء بدون تنسيق.

لم تستخدم الشركة في الإعلان ممثلي أسلوب الحياة، لم تستعين بأشخاص فى أسلوب الحياة الذي اختارته. اذا كانت بيبسى تربط منتجاتها فى الاعلان بأسلوب الحياة الشبابى المنطلق، فهى تستعين دائماً بشباب لفعل ذلك، وإذا كانت اديداس تريد اظهار أسلوب حياة الناجحين، فيكون ممثلي هذا الاسلوب فى الاعلان هم اشخاص مثابرين متفوقين وناجحين في مجالاتهم.

هنا مينى كوبر لم تستعن بأشخاص يتميزون بالولاء العالى والحب الشديد لسيارات مينى كوبر، بل استعانت بمن يمثل صفات هؤلاء الشباب، ولم تجد فى هذه الحالة أفضل من هذا الطفل في الإعلان.

أى أنها أرادت ربط المنتج بأسلوب حياة الأشخاص الذى لديهم ولاء وحب هائل للسيارة، ولكن رأت أن هؤلاء الأشخاص لن يستطيعوا إظهار هذا الأسلوب بالشكل المطلوب، ففكرت فى الاستعانة بطفل لتجسيد صفات هؤلاء الاشخاص، خصوصاً ان الصفة المطلوب إظهارها هي الحب الخالص الصافى بدون وضع لمعايير منطقية أو أسباب واضحة لهذا الحب، وهذه الصفات وهذا النوع من الحب الكبير الصافى يخرج غالباً من الأطفال!

لا أعرف إن كانت الشركة قصدت هذا الإعلان بهذه الجودة او الفلسفة المعقدة نسبياً، لكن فى كل الاحوال هو من ضمن الاعلانات المميزة لميني كوبر على الرغم من بساطته.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى