الاستراتيجية والتخطيط

كيف تأتى بأفكار تجارية وتسويقية مميزة؟

إن أغلى ما يمكن أن تحصل عليه فى هذا العالم التسويقى هو الأفكار، إن الأفكار هي كنز الشركات الأول، وما الشركة الناجحة إلا فكرة مميزة حولتها فى شكل منتج أو خدمة يخدم الناس ويلبى احتياجاتهم، وفى نفس الوقت يحقق الربح للشركة. والسؤال الآن.. من أين تأتي بالأفكار التجارية المميزة؟

دعونا نتحدث أولاً عن النطاق الأوسع، وهو نطاق الشركات الكبيرة، والتي تعامل التسويق المعاملة التي تليق به، وهذه الشركة تمتلك ادارات تسويقية متميزة، من ضمنها ادارة البحث والتطوير – Research and Development، والتى تُعرف اختصاراً ب R & D .

فى هذه الادارة تكون المسئولية على العاملين بها ليخرجوا بالأفكار المميزة، و يختبروا هذه الأفكار – فى شكل منتجات وخدمات – على الأسواق المستهدفة، وبعد إجراء هذه الاختبارات التسويقية العلمية الدقيقة، تكون النتيجة، إما نعمل على هذه الفكرة، أو أن الفكرة غير مُرحب بها او غير قابلة للتطبيق، ولن يحالفها النجاح.

هذه الادارة الهامة جداً تجدها فى الشركات الكبرى، وخصوصاً تلك الشركات التي تنافس بمنتجات مبدعة، فتخيل معى الآن كيف هي قوة إدارة البحث والتطوير فى شركات آبل و نوكيا و سامسونج! ان هذه الشركات تنافس على افكار، وبالتالى هذه مهمة ادارة البحث والتطوير، سواء كان اسمها هكذا صراحة، او تحوّر اسمها فى اشكال تسويقية متعددة.

فى الشركات التى يكون فيها البحث والتطوير اشد حدّة من شركات الإبداع السابق ذكرها، يذهب التسويقيين فيها، او متخذو القرار عموماً، الى شركات البحوث التسويقية المتخصصة، وهى شركات لديها من القدرات البحثية والعلمية لكى تنفذ ابحاث سوقية وابحاث تسويقية دقيقة ومعقدة، وتخرج بأدق النتائج الممكنة للشركات، وحتى لو كان حل اللجوء لشركات بحث تسويقية متخصصة هو الحل الاقتصادي للشركة، لكن يظل البحث التسويقى التى تنفذه الشركة بنفسها هو حل واقعي بشكل أكبر، لأن الشركة مهما حاولت توصيل ماتفعله وما تريده لشركة أخرى، لن تنجح، الشركة هى الوحيدة التى تعلم ما تريد وما هي أهدافها من الأبحاث السوقية.

إذاً هذا هو الحال فى الشركات الكبيرة والتى تطبّق التسويق في شكله الصحيح. يكون التفكير فى منتجات وخدمات جديدة متمركز فى ادارة محددة، على رأس هذه الإدارات واشهرها إدارة البحث والتطوير، ولكن ماذا عن الشركات الصغيرة والمتوسطة؟

لكل شركة استراتيجيتها فى الحصول على افكار جديدة ومميزة، ولكن بشكل عام هناك طرق وأساليب معروفة لكي تخرج الأفكار، وأهمها على الإطلاق جلسات العصف الذهنى – Brainstorming.

هذه الجلسات العصفية يجلس فيها العديد من الأطراف من أقسام وتخصصات مختلفة، كلٌ يلقى بدلوه، الافكار تخرج متدفقة بدون تدقيق ولا ترتيب ولا قوانين، ظاهرة صحية هى خروج الأفكار، والسماح بجميع الأفكار بدون اى استثناء بالخروج، و شق طريقها الى عقول اخرى فى هذه الجلسات الذهنيةbrainstorming illustration cannaday chapman pan 11010
مهم جداً فى المرحلة الاولى من تلك الجلسات الّا تمنع اى افكار – مهما بدت غبية أو غير منطقية. كن حذراً فى هذه الكلمة الاخيرة، فالافكار لا تتصف غالباً فى هذا العالم التسويقى بالغباء أو الذكاء. الأفكار تظل افكار، نحكم على جودتها بمدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع. وكم من فكرة وصفها بالغبية حققت نجاحات تسويقية هائلة.

ايضاً حتى الأفكار التى تراها غبية، ربما تكون كذلك، لأنها مجرد نصف فكرة، مازالت فكرة غير مكتملة، وبمجرد ان نكمّلها بفكرة اخرى، سوف تصبح فكرة متكاملة قابلة للتطبيق والنجاح التسويقي.

أيضاً لا تتوقع ان يخرج أحدهم بفكرة عبقرية خارقة من أول مرة، من جلس فى هذه الجلسات الذهنية يعرف ما اتحدث عنّه، أن طبيعة الأفكار انها تتطور، وغالباً الفكرة الأولى لا تكون هي الفكرة الأخيرة التي تستقر عليها الشركة، الفكرة الأولى سوف تتحور وتتحور لتصل للشكل النهائى الذى نريده. نعم يوجد افكار أوليّة خرجت وتم تطبيقها بشكل مباشر، ونجحت، ولكن هذا قليل.

الأفكار عموماً تتحور و تتفاعل مع افكار مثلها لكى تكتمل، ومن ثمّ تنجح.
بعض الشركات تنفّذ استراتيجية العصف الذهني بشكل مختلف، فمثلاً من الامثلة الشهيرة، هو ذلك اللوح الأبيض – Board الكبير الذى يوضع فى مكان ظاهر لكل الأعين في الشركة، مع دعوة للجميع للمشاركة، سوف يمر الجميع على هذه اللوح الأبيض، بداية من أصغر عامل إلى المدير أو صاحب الشركة، ويسجّلون آرائهم واقتراحاتهم وملاحظاتهم، وهذا سوف يفى بالغرض، وسوف يخرجون بأفكار هائلة!board
أخيراً، وربما تكون هذه النقطة هى الأهم فى هذه التدوينة، لا تبنى آمال عريضة على الفكرة فى حد ذاتها. الفكرة لا شئ بدون قدرات تسويقية وغير تسويقية لتطبيقها وإخراجها بالشكل المطلوب.

لو دققت قليلاً، سوف ترى فى هذا العالم افكار عبقرية، او هكذا يسميها الناس، هذه الأفكار لم ترى النور ولم ترى نجاح يُذكر فى الاسواق، ولانى كما ذكرت لك من قبل فالناس لا يأبهون لأفكارك العبقرية، كل مايهمهم هو منتجات وخدمات تُشبع احتياجاتهم.

بل ان ما يلفت نظرى دائماً هو أن أغلب الشركات الناجحة، بل العملاقة فى العالم، لا تقوم على أفكار عبقرية، أنها تقوم على أفكار عادية وتقليدية للغاية، ولكن تجد الأفكار الرائعة فى طريقة تطبيق هذه الافكار التقليدية، و فى طرق الإدارة والتسويق لما تقدمه. وهذا هو ما يصنع الفارق التسويقي دائماً.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى