الاستراتيجية والتخطيط

بناء الموقع/ الصورة الذهنية – Positioning

الموقع الذهني/الصورة الذهنية ربما تُعد من أهم المصطلحات التسويقية وأكثرها عبقرية على الإطلاق، بل إن الشركات العملاقة فى العالم، والتى صنعت أسماء وعلامات تجارية قوية جداً ماهى إلا شركات تحتفظ بصورة ذهنية تبلغ من القوة والثبات إلى أن الناس يشترون منتجاتها وخدماتها بدون تردد، ولأنهم يحتفظون للشركة بصورة ذهنية محددة قوية تغنيهم عن المفاضلة ومقارنة هذه الشركات بالمنافسين فى كل مرة.

ربما تكون هذه النقطة الأخيرة من أهم الأسباب التي تجعل الصورة الذهنية للشركة مهمة لدى الناس، الناس ليس لديهم استعداد في كل مرة أن يقارنوا المنتجات والخدمات، أن الأمر مرهق وعسير ومستهلك للوقت إذا فعلوا، من الأفضل فعلاً أن يرى المنتج او اسم المنتج، فيتذكر صفة قوية على رأس صفات قوية أخرى، هذا يسّهل عليه عملية الشراء والمفاضلة بالتأكيد.

الآن.. اذا ذكرت لك هذه الأسماء التجارية ماذا تتذكر..؟

بى آم دبليو – BMW : الرفاهية
ريد بول – Red Bull: الطاقة والانطلاق
سنيكرز – Snickers: سد الجوع والإمداد بالطاقة
كوكا كولا – Coca-Cola : الفرحة والتجمّع
مرسيدس – Mercedes: الفخامة و الحالة الاجتماعية المميزة
نايكى – Nike: الرياضة والقوة
بيبسى – Pepsi: الحماس وانطلاق الشباب
فولفو – Volvo: الأمان
وول مارت – Walmart: التوفير
أديداس – Adidas : النجاح والمثابرة

إن الشركات تظل تبنى هذه الصور الذهنية بثبات وقوة واستمرارية الى ان تصل لمرحلة قوة العلامة التجارية – branding ، حينها لا يشترى الناس لجودة او مواصفات او فوائد ومزايا المنتج، بل لان المنتج هذا هو من انتاج الشركة هذه، .. لاتشترى نايكي – Nike لانه حذاء بديع أو قوى ولكنه نايكى، لا تشترى مرسيدس لانك تحققت من مزاياها جيداً، بل لانها مرسيدس، لاتشتري ايفون – iPhone لانك اعجبك جودة الهاتف وبعض المواصفات به، بل لأنه آيفون..

ليس المعنى أن المشترين لا ينظرون الى خصائص وفوائد المنتج، هم ينظرون بالتأكيد، ولكن تكون المقارنات محسومة مع المنافسين ذوى الصور الذهنية والعلامات التجارية الأضعف.

إن أقوى الصور الذهنية على الاطلاق هى التى تعتمد على أسماء التفضيل، مثل أصغر سيارة، أحلى طعم، أوفر هايبر ماركت، أسرع طائرة، أول تكييف، اكثر الهواتف تطوراً، أنعم وسادة، أفضل خدمة عملاء، … الخ.

وعلى الرغم من ذلك عندما لا تستطيع الشركة أن تميّز نفسها على أساس صفات التفضيل، أو حتى صور ذهنية مميزة وفريدة، فإن عليها أن تلجأ لصور ذهنية عامة، عليها أن تميّز نفسها بالفوائد – benefits، فى مقابل السعر – Price، فمثلاً تجعل الناس تربطها بتقديم فوائد أكثر من المنافسين بنفس سعر المنافسين، هذه الطريقة في تكوين الصور الذهنية تُسمّى النموذج العام لتكوين الصور الذهنية – Overall positioning strategy، .. (ربما نفصّلها فى وقت لاحق).

السؤال هنا.. كيف تكوّن للشركة الصورة الذهنية؟

تلجأ الشركة لاستراتيجية التمييز –Differentiation، وهى البحث عن نقاط التميز لديها –competitive advantages، ثم تقارن بين كل نقاط القوة والتميز التي تملكها فتختار نقطة تميز هى الأقوى والأكثر تفرداً لتبنى عليها صورتها الذهنية.

فيدو ديدو

تبحث الشركة عن مصادر قوتها وتميّزها فى المنتج او الخدمة التى تقدمهم، أو في قنوات التوزيع – channels التى تستخدمها، أو ربما فى الأفراد – people الذين تستخدمهم فى توصيل المنتج او الخدمة، او ربما حتى تخترع صورة لا وجود لها من الأساس – Image لتربطها مع المنتج، كما فعلت سفن آب – 7Up عندما اخترعت شخصية فيدو ديدو لتربطه بمنتجها.

راجع تدوينة مصادر الحصول على المزايا التنافسية.

ولكى تقوم الشركة بتكوين صورة ذهنية قوية عليها ان تدرك ان هذا لا يحدث في ليلة وضحاها، الصور الذهنية تتكون عبر الأعوام، تتكون عبر الثبات في تقديم رسائل تسويقية متناسقة تذهب كلها في خدمة صورة ذهنية قوية.

إن الشركات اليوم تجدها تطوّر إعلانات غريبة جداً من الناحية التسويقية، فكيف لشركة تريد تكوين صورة ذهنية معينة ان تطوّر كل حملة اعلانية بناء على فكرة تظن انها مبدعة، ولكن هذه الفكرة لا تصب فى خدمة صورة ذهنية محددة، هذا يؤدى إلى فشل ساحق للشركات مع الوقت، تخيل ان كل اعلان وكل حملة اعلانية وترويجية تشير لفكرة ورسالة تسويقية مختلفة، كيف يؤدي هذا التشتت لبناء صورة ذهنية قوية!

قارن هذا التشتت التسويقي بما فعلته شركة مارس مع منتج سنيكرز لتبنى صورتها الذهنية بكل قوة عن طريق الاعلانات والمنتج المتميز.. فى تدوينة الثبات على المبادئ التسويقية.

فى نفس الوقت وللأسباب السابقة أيضاً فإن إعادة تكون الصور الذهنية – Repositioning أمر صعب جداً تسويقياً ويحتاج لاستراتيجية خاصة.

إن الصورة الذهنية هي جزء من الاستراتيجية التسويقية للشركة – Marketing Strategy ، وبالتأكيد فإن الشركة التى لا تعمل طبقاً لاستراتيجية تسويقية صحيحة فإنها تضل الطريق، حتى لو كانت تحقق بعض المكاسب التسويقية على المدى القصير، وإذا استطاعت الشركة أن تعرف من خلال استراتيجيتها التسويقية ما هو السوق المستهدف – Target Market بشكل صحيح، ثم كونت صورة ذهنية يراها هذا السوق المستهدف بشكل دقيق، فسوف تحقق النجاح التسويقي بلا شك.

مازال هناك أسرار تسويقية هامة فى هذا الجزء المهم من التسويق –تكوين الصور الذهنية- سنحاول أن نسردها فى تدوينات قادمة.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم.
    شكرن استاذ حسام على الموضوع الرائع. عندي سؤال لو سمحت هناك بعض الشركات مثل بروكتر اند قامبل و بيبسي تنتج منتجات متشابه جدا مثل شركة بيبسي تنتج pepsi diet and pepsi one-max وكل المنتجين نفسة diet كيف ممكن ان شركة تقدر ان تستطيع ان تدير هذه المهمة وكيف يمكن انا تجعل لكل منتج صورة ذهنية مختلفة ؟ شكرن

  2. السلام عليكم
    نبغى موضوع عن " الصورة الذهنية " مع دراسة حالة لهذا الموضوع فيه ألمام كامل
    أو كتاب فيه هذا الموضوع
    وشكرررراً
    ضرررووورري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى