الاستراتيجية والتخطيط

الثبات على المبادئ التسويقية – 2 : استراتيجية الترويج

فى التدوينة السابقة .. عرفت ان الشركات تعتمد على عوامل مهمة لبناء صور ذهنية قوية ومميزة فى أذهان الناس في الأسواق المستهدفة، من ضمن أهم العوامل على الإطلاق .. المنتج والترويج.

قبل كل شئ .. اريد ان الفت نظرك لملاحظتين سريعاً..

الاولى هى ان عناصر المزيج التسويقي، أو البرامج التسويقية، جميعها مهمة من أجل بناء صور ذهنية عن المنتجات.

لنفترض أنك تود بناء صورة ذهنية ان المنتج خاص بشريحة من الناس عالية الدخل ويعيشون فى ارقى المناطق،.. حينها سوف تستعمل جميع عناصر المزيج التسويقي فى صالح تكوين الصورة الذهنية ..

سوف تطور منتج عالى الجودة، وسوف ترفع من سعرك حتى يربط الناس منتجك بالجودة والتميز، وسوف تستخدم منافذ ومتاجر بيع فى اماكن راقية وتتميز ايضاً باستهداف الطبقة الراقية لها، واخيراً سوف تكون رسالتك الترويجية خاصة بهذه الفئة صاحبة الدخل العالى، وسوف يظهر هذا ايضاً فى مستوى إخراج الرسالة الترويجية.

لكن تركيزى على عاملى المنتج والترويج فى هذه المقالة هو ان الصورة الذهنية سوف تكون اقوى عندما تكون اكثر تحديداً من مجرد كون المنتج مرتبط بجودة عالية وموجه للشريحة صاحبة الدخل المرتفع، .. فكما ترى فى حالة سنيكرز أن الصورة الذهنية محددة جداً .. “هذا المنتج يشبع جوعك”.

الملاحظة الثانية أن الكثير يرى ان الاعلان فقط هو من يبنى الصورة الذهنية، هذا ربما يكون صحيحاً فى حالة المنتجات الصعب فيها التميز او التغيير، مثل بيبسى، فبيبسى كونت الصورة الذهنية على أنها تقدم منتج لطائفة الشباب المتحمس الطموح المنطلق، ولكن كيف لها ان تستخدم طعم ومكونات المنتج فى بناء هذه الصورة الذهنية!

بيبسى معروف ان مذاقها محّلى أكثر من طعم كوكا كولا، ولكنهم تركوا هذه المقارنة جانباً.. يكتشفها من يكتشفها ويجهلها من يجهلها، وركزوا على عنصر الترويج والإعلان لكى يبنوا لأنفسهم صورة ذهنية للمنتج على أنه منتج شبابي، هنا نجد أن أهم عنصر في عناصر المزيج التسويقي لبيبسى هو عنصر الترويج، .. الوضع اذاً مختلف مع شيكولاتة سنيكرز والتى تعتمد على عاملين فى قمة الاهمية، وبالتالى أراها اجدر فى الدراسة التسويقية فى جانب بناء الصور الذهنية.

أعود اذاً سريعاً لحالة سنيكرز.. كيف تبنى صورتها الذهنية عن طريق الترويج، وهو العامل الثاني المهم الذي تعتمد عليه.

يجب أن تعتمد الشركة على إيصال الرسالة الترويجية لها فى كل الأدوات الترويجية بنفس القوة وفى نفس الاتجاه وهو بناء الصورة الذهنية المرغوبة، .. وبالتالى علينا ان نجد الرسالة الترويجية لشركة مثل سنيكرز، والتى تركز على فكرة المنتج المغذّى الذى يسد الجوع، يجب أن نراها بنفس القوة والتماسك فى كل الأدوات الترويجية : الإعلان والعلاقات العامة والبيع الشخصى وعروض البيع، وحتى أدوات التسويق المباشر إن وجد فى المعادلة التسويقية للشركة.

لكن دعونا بفكرنا التسويقى الدقيق والمنطقى نركّز اهتمامنا على العنصر الاهم فى هذه العناصر الترويجية وهو الإعلان –Advertising.

أتذكر حينما أخبرتك من قبل أن هدف الإعلان هو نشر الوعى بالمنتج ووجوده ومزاياه – brand awareness؟.. اذاً حان الوقت لكي نكرر هذا الكلام.

العلاقات العامة تبنى الثقة والمصداقية، عروض البيع هدفها تنشيط المبيعات، البيع الشخصى هدفه الاقناع والتواصل مع الناس، ولكن الإعلان هدفه إيصال الرسالة الترويجية عن المنتج لأكبر عدد ممكن من الناس.

لا تعتقد أن هدف الإعلان هو أن يشترى الناس.. ابداً!، هدف الشراء هو من ضمن الأهداف الاعلانية، ولكن الهدف الرئيسي من الإعلان هو أن يعرف الناس، خصوصاً الفئة المستهدفة من الإعلان عن المنتج وعن مزاياه وفوائده بالنسبة اليهم، اما هدف الشراء فيتم تنفيذه فى منافذ البيع وعن طريق عروض البيع، و بتكامل جميع الادوات التسويقية والترويجية.

هذا الكلام معناه اذاً ان الشركة عليها أن تضع خطتها الاعلانية وتنفيذها بشكل يكفل لها تحقيق هدف نشر المنتج بين الناس، وهذا سيكون من نتائجه الحتمية بداية تكوين الناس لفكرة معينة عن المنتج، قد تكون الفكرة هى ان هذا المنتج هو للفئة الراقية فى المجتمع، او ان المنتج اقتصادى ويستطيع الجميع شرائه، او ان المنتج ريادى فى مجاله ويحتوى على ميزة جديدة لم يروها من قبل، او أن المنتج يتميز بميزة شائعة ولكنها مهمة لهم.. مثل الأمان، الرفاهية، الفخامة، والمتانة، الصمود، السرعة، … الخ.

هنا يبدأ اهم جزء سوف يحدد مصير قوة الصورة الذهنية التى تكونها الشركة، وذلك حين تستخدم الشركة اعلانات كلها تخدم صورة ذهنية واحدة قوية جداً.. ودقيقة.

هل هذا أفضل أم أن نرى شركة تطور كل حملة اعلانية بناء على مزايا مختلفة وشعارات مختلفة وفئات سوقية مختلفة؟! هذا قمة الجهل التسويقى، وكل حملة اعلانية سوف تكون محسوبة على الشركة، اما تسحب من قوة صورتها الذهنية او تضيف اليها.

هذا هو السبب الذي اخترت من أجله حالة شركة مارس واستراتيجيتها التسويقية مع شيكولاتة سنيكرز، .. انك تجد نفس الرسالة الاعلانية تقريباً منذ بدايات دخول المنتج فى السوق والإعلان عنه الى الآن!.. هذا شئ مذهل بحق، لانهم يعرفون ان كل حملة اعلانية تصب فى نفس الفكرة التسويقية لهم هى فى صالح تزويد قوة ودقة الصورة الذهنية المطلوب تكوينها.

ايضاً تجد اعلاناتهم متشابهة، بل احياناً متطابقة مع اختلاف شخصيات من يظهرون فى الاعلان فقط، وذلك عند تطوير نفس الحملة فى أكثر من بلد، سواء بلاد عربية أو أجنبية، .. وبالتالى تخيل شركة تقدم حملاتها الاعلانية فى كل وقت وكل مكان فى نفس نطاق الرسالة الترويجية ونفس الفكرة الاعلانية، كيف تكون قوة صورتها الذهنية .. بعد سنين من تطبيق هذه الاستراتيجية التسويقية العبقرية؟!Siman Snickers Ad1

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. السلام عليكم مستر حسام انا مصطفي كامل كاتب ومحاضر في التسويق والمبيعات ارجوا ان نتعاون مع بعضنا البعض لنشر علمي التسويق والمبيعات للناس اجمعين راجيين التوفيق من الله للاتصال بي 01288053541
    ارجوا من حضرتك النظر علي مدونتي والاشتراك بها لتبادل المعرفة فيما بيننا ايها الخبير http://moustafaelshaeer.blogspot.com/

  2. فى اهداف للاعلان الواحد عديده مثل انطلاق منتج جديد و brand awareness وبرامج الولاء فى اعلان واحد هل هذا صحيح ام لا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى