الاستراتيجية والتخطيط

الثبات على المبادئ التسويقية -1 : استراتيجية المنتج

إن من أهم أسباب فشل الشركات سواء على المدى القريب او المدى البعيد، هو عدم استقرارها على المبادئ التسويقية التى اقرّتها فى خطتها التسويقية عندما بدأت، هذا لا يتنافى مع فكرة المرونة التى تجعلك تغير وتعدّل من استراتيجيتك التسويقية لكى تحقق أهدافك، ولكن هناك فارق كبير بين المرونة وبين التخبط والتشتت.

تخيل معى قبطان لسفينة كان يهدف إلى وجهة محددة، مع الوقت تجده يفكّر ان يغيّر وجهته، ثم يغير الطرق التى اتفق عليها مع طاقمه، مرة لكى يختصر الطريق، ومرة من اجل التجديد والتغيير، مرة اخرى من اجل ان يستغل فرصة قد سنحت له، .. برأيك هل سيصل هذا القبطان الى وجهته فى النهاية؟ هل تعتقد انه سوف يحقق النجاح؟

الإجابة .. لا، وهذا هو حال الشركة التي تضع مبادئ وقواعد تسويقية من المفترض ان تسير عليها، ثم تجدها تغيّر هذه القواعد مع كل فرصة او خطر، أو تغييرها حتى بدون داعى، هذه الشركات يكون عمرها قصير جداً فى هذا العالم التسويقى، لا تنجح بأى حال، ولو نجحت يكون نجاحها ضئيل غير مسموع، ويكون نجاح مؤقت.

سنيكرز تثبت على المبادئ

من أجمل الأمثلة التى تصادفنى وأفكر فيها دائماً بهذا الصدد هو الحال مع سنيكرز – Snickers، وسنيكرز شيكولاته غنية بالفول السودانى، هى شيكولاتة رائعة الطعم، ولكنها ايضاً مغذية وتشبع جوعك، ولكن اريدك من اليوم أن تركز مع إعلانات واستراتيجيات هذه الشركة تسويقياً، سوف تكتشف أن الأمر معها ليس مجرد منتج شيكولاتة مميز يبيع سنوياً بحوالى 2 مليار دولار فقط!، انه اكبر من ذلك ويعطيك انطباعات تسويقية هائلة.

اريدك ان تتفحص هذا الاعلان القديم..Snickers

ماذا ترى؟؟.. بالفعل انه نفس الشعار القديم الجديد الازلى ل سنيكرز.. الشعار الذى يتغير من وقت لوقت، ومن مكان الى مكان “سنيكرز تشبعك حقاً” “سد جوعك” “انت مش انت وانت جعان” “انت مو انت وانت جوعان”.. الخ، ولكن يتغير الشعار او الجملة الاعلانية – tagline تغير خفيف بسيط للغاية، ويصبّ دائماً فى فكرة أن هذه الشيكولاته تشبع جوعك.

أولاً دعنا نعرف لماذا تصنع هذه الجملة الثابتة عبر السنين شركة او منتج قوي للغاية..

هل تعرف كيف نبنى العلامات التجارية – branding؟ .. أن العلامة التجارية تبنيها الشركة بالاستمرار فى توجيه رسائل تسويقية وترويجية تصبّ فى فكرة تسويقية محددة، تصنع صورة ذهنية قوية ودقيقة فى أذهان الناس…

هل تستطيع اذاً ان تقارن بين شركة ظلّت سنة تبنى صورتها الذهنية وعلامتها التجارية، وبين شركة ظلّت 20 سنة تبنى صورتها؟! بالطبع سيكون الفرق شاسع (بافتراض أن الشركتين تعملان بنفس الشكل التسويقى الصحيح)، الشركة الأولى لم تحقق نفس الصورة الذهنية القوية جداً التي حققتها الشركة الثانية.

بالتالى فإن الشركة تقوى وتحقق الانتشار وحب الناس لها، وذلك عن طريق الثبات لفترة كبيرة على نفس المبدأ التسويقي، ونفس الصورة الذهنية المحددة، وهذا مانراه فى شركة مارس – Mars المنتجة لشيكولاتة سنيكرز.

اريدك الان ان تتعرّف على أهم ما يساعد الشركة لتبني هذه الصورة الذهنية الثابتة، والتى تحقق لها القوة والثبات والتحكم فى سوقها الذي اختارته.

بالطبع لكى تبنى وتثبّت الصورة الذهنية عليك بأن تطور وتضع كل جهودك وعناصر استراتيجيتك وبرامجك التسويقية لكي تحقق هذه الصورة الذهنية التى اخترتها، ولكن اريد ان اتكلم سريعاً عن اهم عاملين هنا تركّز عليهم الشركة، وهما المنتج، والترويج.

سنيكرز اختارت شريحة الشباب المنطلق المتحمس، والذي ينال منه الجوع، فيحتاج لمنتج سريع، له مذاق رائع، ويحقق له إشباع حاجة الجوع، ومن هنا تبدأ الشركة.

ماهو المنتج الذي ستقدمه الشركة؟ .. بالتأكيد هو منتج غنى بالمواد التى تحقق وتشبع الجوع، هو منتج يحتوي على عناصر أهمها الفول السودانى الذى يحقق هذا الهدف.

منذ وقت قليل، اتحفتنا الشركة بشوكولاتة سنيكرز “فول سودانى أكثر”، شخصياً لم احب مذاقها، تحسرت على طعم شوكولاته سنيكرز الذي احبه، والذي لا يحتوي على هذا الكم الزائد من الفول السودانى، لماذا تفعل الشركة هذا؟ هل الشركة لا تدرك أن الفول السوداني أكثر غير محببّ إلىّ؟!! ولكن من يعبئ بى! ان الشركة تستهدف شريحة اساسية ولن تغير هذه الشريحة مهما حدث من اجلى.

هى زوّدت الفول السوداني لأنها ثابتة على الصورة الذهنية التى تريد تكوينها عبر السنين، انها تعمل على تطوير منتج يسدّ الجوع، نعم .. المذاق اللذيذ الرائع هو من ضمن مزايا الشيكولاتة، ولكن مع كل حركة تتحركها الشركة تأتى الجملة التحذيرية داخلياً فى الشركة “اثبتوا يامديرين التسويق في شركة مارس.. إننا نستهدف شريحة اساسية تريد سد الجوع وليس الاستمتاع بشوكولاتة سنيكرز”.

اذا فالشركة تطور المنتج وعينها على الاستراتيجية التسويقية والمبادئ التسويقية التى تعمل طبقاً لها، ومع الوقت سوف يستقر فى أذهان الناس الصورة الذهنية لسنيكرز بكل قوة، وذلك عن طريق الثبات على تطوير منتج يحقق هذه الاستراتيجية..

انتظر اذاً العنصر الثاني المهم جداً لبناء قوة واستقرار الشركة.. الترويج، فى التدوينة القادمة ان شاء الله.

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى