الترويج والإعلان

الحكومة الانجليزية تصور إعلانتها بالموبايل !!

فى مجال الابداع – الاتصالات التسويقية المتكاملة – أو فيما يعرف قديماً بالدعاية والترويج، نتعلم بشكل مكثف نماذج الاتصال والتواصل – Communication skills، ويكون هدفنا من فهم هذه المهارات هو تعلم الطريقة الصحيحة والفعالة لتوصيل المعلومة أو الرسالة التسويقية من طرف لآخر.

أكبر مشكلتين تواجه أى رسالة دعائية تصل من طرف لآخر هما :

  1. مدى التشابه بين خلفية وثقافة ولغة وخبرة الراسل مع خلفية وثقافة ولغة وخبرة المرسل إليه الرسالة، وكلما زاد التشابه زادت قدرة الرسالة على الوصول الصحيح.
  2. الضوضاء – Noise التى تحدث فى أثناء انتقال الرسالة وتسبب تشتت المرسل إليه مما يتسبب فى عدم وصول الرسالة بشكل كامل أو وصلها بشكل غير صحيح.

اليوم أتحدث عن النقطة الأولى وهي أن يحدث توافق وتشابه بين خلفية المرسل والمرسل إليه، وهذا التشابه يمكن أن يحدث باستخدام كلمات و نصوص مشابهة لتلك التى يستخدمها المستهدفين من رسالتى الترويجية، تماماً كما هو هام هذا الشخص الذى سينقل الرسالة، فيجب أن يكون هو الآخر من نفس البيئة التي يعيش فيها المرسل إليه، أو على الأقل قريب منها قدر المستطاع.

الحكومة الانجليزية تصور إعلاناتها بالموبايل !!

حالة تسويقية رائعة عاشتها إدارة النقل والطرق الانجليزية – British Department of Transport عندما وجدت نفسها فى حالة سيئة بعدما كانت تحصى الطرق هناك حوالى 55 قتيل في حوادثها أسبوعياً.

حاولت الإدارة فعل كل شئ، من خلال إعلانات وتنبيهات للانجليز، على شاكلة “يابنى خد بالك – بص يمين وشمال قبل ماتعدى – ..” الى آخره من الرسائل الإعلانية التنبيهية العقيمة التى كان يستهزئ بها أغلب المستهدفين، خصوصاً أنها تأتى من طرف حكومي.pedestrian headphones 120117
بدأت الإدارة الانجليزى فى التفكير بعمق ودراسة لطبيعة هذه الحوادث، فوجدت أن أغلب الحوادث تحدث لشباب لا يهتم كثيراً أثناء عبوره الطريق، تجدهم يلعبون ويرقصون، ويصورون تلك اللحظات السعيدة بهواتفهم المحمولة، قبل لحظات الحادثة.

بدأت الإدارة الانجليزى فى استهداف هؤلاء الشباب بطريقتهم وأسلوبهم ولغتهم، فطورت إعلان يبدوا أنه تم تصويره من كاميرا لهاتف متحرك – Cellphone، وتظل الكاميرا تراقب هؤلاء الشباب أثناء مرورهم فى الطريق وهم يضحكون و يلعبون ويصورون بعضهم، حتى يموت أحدهم عندما تصدمه إحدى السيارات المسرعة، وتخرج الجملة الإعلانية – strapline لتقول “55 من الشباب اسبوعياً يتمنون لو كانوا أعطوا الطريق اهتمام اكبر!

فى الحقيقة تم تصوير الإعلان بشكل تلقائي للغاية عن طريق مجموعة من الشباب الذين تُرك لهم المجال لتصوير تلك اللحظات بشكل تلقائى للغاية بهواتفهم النقالة، وتم الاستعانة فى مشهد الحادثة بممثلين – Stunts، وبعض التأثيرات.

تم عرض هذا الإعلان على شاشات التلفزيون والسينمات مفجراً احصائيات قوية جداً، من ضمنها أن حوالي 95 % أعادوا التفكير فى سلوكهم أثناء مرورهم بالطريق، وأن 93 % شعروا أن هذا الامر الذى شاهدوه فى الإعلان ربما يتكرر.

لا تستغرب إذاً أنه بعد سنة انخفضت معدل هذه الحوادث بنسبة 10 %، بعدما ابتعدت الحكومة الانجليزية عن الأسلوب الطفولي الممل الذى اعتمدت عليه سابقاً لنقل رسائلها الاعلانية.

ماذا تعلمت من الحكومة الانجليزية؟

  1. لا تتوقع ماهى اللغة المناسبة للمستهدفين من رسالتك الدعائية، اجعلهم هم من يصنعوها (لاحظ أن مرسل الرسالة كان هو نفسه المستقبل ).
  2. ابتعد عن طريقة الوصاية او التحدث من أعلى لأسفل، باعتبار انك ان الوطنى وتعرف مصلحة المواطنين أكثر منهم، فيما يعرف بالوطنية – Patriotism.
  3. من أهم عوامل نجاح أي حملة دعائية فى العالم هو المصدر الذي ينقل هذه الرسالة.
  4. واخيراً .. لا تتوقع ان الاتصالات التسويقية والترويج بهذه السهولة التي يتوقعها الكثير!

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى