الاستراتيجية والتخطيط

فهم الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب وعلاقتهم بالتسويق الناجح!

هل سألت نفسك يوما لمَ بعض المنتجات تطير من على أرفف البيع وتنفد سريعا، بينما البعض الآخر يتراكم عليها الغبار؟ نحن نعرف أن الناس تشتري الأشياء لتلبية احتياجاتهم، ولكن إذا كان الأمر كذلك وحسب، ما الذي يجعلهم يفضلون علامة تجارية على أخرى؟ هنا يأتي الحديث عن الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب.

ما الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب؟

تعريف الحاجات – Needs

الاحتياجات هي أشياء أساسية للبقاء، نولد بها، ولا تتأثر بالاتجاهات أو الثقافة، جميعنا نشترك في هذه الاحتياجات، مثل:

  • الاحتياجات الفسيولوجية – Physiological needs: الغذاء والماء والمأوى والنوم وغيرها من متطلبات الجسم.
  • احتياجات السلامة – Safety needs: الأمن والاستقرار والحماية من الأذى.
  • الحاجات الاجتماعية – Social needs: الحب و الانتماء والارتباط والقبول.

هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية – Maslow’s Hierarchy of Needs

لنفهم الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب أكثر، يجب أن نتعرف على هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية.

يقول ماسلو أن الإنسان يولد وله 5 احتياجات أساسية، هذه الاحتياجات لها ترتيب أو تسلسل ثابت، لا يمكن إشباع الحاجات التي في قمة الهرم دون إشباع الحاجات الأساسية التي في قاعدة الهرم، حتى ولو بشكل جزئي، وليس شرطا أن يكون إشباع كامل.

هرم ماسلو للاحتياجات الانسانية لفهم الفرق بين الحاجة والرغبة وعلاقتهم بالتسويق الناجح.

 على سبيل المثال، تستهدف آبل مثلا الطبقة الغنية أو الـ High-class من المجتمع، التي تشبع احتياجات أكثر رفاهية مثل الرغبة في الحصول على البريستيج والمظهر الاجتماعي الراقي، لكن تجد في نفس الوقت طبقات أقل في المستوى الاجتماعي تسعى لشراء الآيفون، من خلال الادخار أو الاقتراض أو أي طرق من طرق السعي حتى تنال هذا الأيفون وبالتالي تشبع هذه الرغبة في الانتماء لطبقة الأثرياء والمترفين.

 هذه الطبقة المتوسطة قد لا تكون بالفعل أشبعت حاجاتها الأساسية كلها بشكل كامل، ولكن على العكس تماما، قد تجدها تضحي ببعض هذه الاحتياجات الأساسية، من أجل فقط شراء هذا الأيفون! ليس شرطا أن تشبع الاحتياجات الأساسية بشكل كامل حتى تنتقل إلى الاحتياجات الأعلى في الهرم.

فهم هرم ماسلو للاحتياجات يساعد المسوقين وأصحاب البيزنس على فهم دوافع الشراء! قد تجد أنك تستهدف في البيزنس الخاص بك فئتين، فئة مثلا تشتري الملابس الرياضية لممارسة الرياضة والحفاظ على صحتهم (هذا احتياج في قاعدة الهرم)، وفئة أخرى تشتريها من أجل المظهر الاجتماعي والحصول على القبول والاحترام من المجتمع مثلا (هذا احتياج آخر في أعلى الهرم)، بالتالي ….. قد تختلف هنا رغبات الفئتين، وتجد نفسك محتاج أن تصمم منتج مختلف لكلا الفئتين!

  • الفئة الأولى = الملابس ستركز على الراحة والمتانة – Durability حتى تساعدهم في ممارسة الرياضة.
  • الفئة الثانية = الملابس ستركز على الشكل والتفاصيل الجمالية لتعكس مظهر اجتماعي معين.

إذا، ما هي الرغبة؟

تعريف الرغبات – Wants

الفرق بين الحاجة والرغبة أن الرغبات هي الطريقة التي نُفضل أن نلبي بها الحاجة.

مثلاً عندما اسأل ثلاث أشخاص، ما هي حاجتكم؟ فسيقولون “نحتاج إلى الأكل” فالحاجة هنا هى الجوع، وهي ثابتة، ولكل عندما اسألهم “ماذا ترغبون لسد هذه الحاجة؟”، فسيقول أحدهم “أريد أن آكل جاتوه”، وسيقول الثانى “أريد أن آكل دجاجة مشوية”، وسيقول الأخير “أريد أن آكل تفاح!” وهكذا.

لماذا طلب أحد الأشخاص أن يأكل جاتوه والآخر طلب دجاجة والثالث طلب تفاح؟

كل الناس فى العالم يتفقوا فى أغلب الحاجات – Needs ولكن يختلفوا في الطريقة التي يريدونها لإشباع هذا الاحتياج بسبب بعض العوامل، وبالتالي فهم لديهم رغبات – Wants مختلفة.

ما العوامل التي تؤثر على رغبات الناس؟

 هناك عوامل مختلفة مثل الاختلاف في التفضيلات والخبرات الشخصية والأمزجة، الثقافة والتقاليد السائدة، الإتجاهات الإجتماعية أو الترندات وغيرها من العوامل التي تجعل كل شخص يشكل الحاجة في شكل رغبة مختلفة عن غيره.

إلى هنا عرفنا الفرق ما بين الحاجة والرغبة.. فما هو الطلب؟

مفهوم الطلب – Demand

تظل الرغبة رغبة.. ويظل الحلم حلم فى الحصول على شئ فى شكل معين، إلى أن يتم تدعيمه بالقوة الشرائية والتي بدورها تتحكم فى الطلب.

إذا كانت حاجة أحد الأشخاص هى أن يتواصل مع أقاربه وأصدقائه، فهو إذن في حاجة إلى موبايل، وعندما سألناه ماذا يرغب فى أن يكون شكل الموبايل، فقال أريد Iphone ..رائع! سيكون الأمر بسيط وسيشترى مباشرة الهاتف الذي رغب فيه إذا امتلك ثمنه (القوة الشرائية)، وهنا يتحقق الطلب على المنتج، أما إذا كان لا يملك الثمن اللازم لشراء هذا النوع من الهواتف، فلن يمكنه طلب المنتج، وستظل الرغبة حبيسة عقله، إلى أن يغير تشكيل الحاجة إلى رغبة أخرى يستطيع تدعيمها بالقوة الشرائية اللازمة، وحينها سيتحقق الطلب على المنتج.

الطلب باختصار هو = الرغبة في الحصول على الشيء + القدرة الشرائية للحصول عليه.

ما العوامل التي تؤثر على الطلب؟

1- الأسعار بشكل عام:

 ارتفاع الأسعار، قد يقلل من طلب الناس على المنتج/الخدمة. لكن هذا ليس قانونا ثابتا، فأحيانا زيادة السعر يقابلها زيادة في الطلب، هذا حسب نوع الطلب في السوق الذي تعمل به، هناك طلب مرن: يتأثر بتغيرات السعر، وهنا طلب غير مرن: لا يتأثر بتغيرات السعر، بمعنى أن يظل الناس يشترون المنتج حتى مع تغير سعره.

2- وجود البديل الأقل تكلفة:

قد يقل الطلب على منتج ما، لأن هناك من يبيع نفس المنتج الذي يلبي احتياجات ورغبات العميل ولكن بتكلفة أقل.

3- تغير دخل العميل:

 الزيادة في الدخل قد تجعل عميلك مثلا يتجه إلى منتج آخر بمواصفات مختلفة لإشباع حاجته. فمثلا، قد تشتري البُن وتصنع القهوة بنفسك في المنزل بالطريقة التقليدية، لكن يزيد دخلك، فتقرر أن تشتري القهوة جاهزة من الكافيه أو المقهى. هنا قل طلبك على البُن، بينما زاد على منتج آخر.

4- التغير في  رغبات العميل:

قد تكون الملابس التي ترتديها اليوم ليست هي نفس الملابس التي ارتديتها منذ سنوات، لقد تغير ذوقك في اختيار الملابس، فبتالي قل طلبك على بعض المنتجات وزاد على منتجات آخرى.

5- حال الاقتصاد في البلد:

 إذا الاقتصاد قوي، فهذا غالبا يزيد من نسبة الطلب، بسبب زيادة القوة الشرائية، والعكس بالطبع صحيح. اقتصاد ضعيف = طلب أقل!

فهم حجم وطبيعة الطلب في السوق الذي تعمل به والعوامل التي تؤثر عليه شيء أساسي ومهم لتضع استراتيجية تسعير سليمة ومناسبة للمنتج أو الخدمة، وتستطيع أيضا التنبؤ كيف وإلى أي مدى سيتغير الطلب على المنتج في وقت ما.

على ماذا يلعب المسوقون، على الحاجة أم الرغبة؟

بعدما عرفنا الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب، يأتي السؤال: “على ماذا يلعب المسوقون ليزيد الطلب على منتجاتهم؟ هل يركزون على الحاجات أم الرغبات؟”

هذا السؤال ليس له إجابة محددة، فاللعب على الحاجة أعمق وأقوى إذا كان المسوقون قادرين على توعية الناس بأنهم بالفعل يحتاجون إلى منتجاتهم، وأن يفصلوهم عن تشكيل رغبات ربما تكون أبعد عن حاجتهم.

ولكن والأضمن والأسلم من وجهة نظر الكثير من المسوقون هو اللعب على الرغبات، لأنها هى المسيطرة على عقل الناس، وهى التى تتحكم فيهم.

سأعطي مثال لتوضيح هذا الأمر، ربما تنزل شركة “آبل” لفتح أسواق جديدة فى بلد نامية أو متوسطة الحال، حاجة الناس هناك هى الحصول على هواتف للتواصل، وبالتالى من المنطقى أن تطور الشركة هواتف بسيطة قليلة الثمن حتى تناسب هذا البلد، ولكنك تجدها تغرق السوق بأجهزة حديثة، ثمنها متوسط وأعلى من المتوسط.

ذلك ببساطة لأن ثقافة هؤلاء الناس هى أنهم يرغبون فى أجهزة حديثة حتى لو كان على حساب إشباع بعض الحاجات الأساسية، ولذلك المسوقون هنا يستجيبون للرغبات وليس للحاجات.

الاستجابة للحاجة أو للرغبة هي ليست قضية خارقة الصعوبة بالنسبة للشركات، ففى كل الأحوال تحاول الشركات تطوير منتجات وخدمات تراها من خلال البحوث والبيانات المتوفرة لديها مناسبة لتحقيق الإشباع المناسب للحاجات والرغبات، وتناسب القوى الشرائية للأسواق المستهدفة مما يحقق زيادة الطلب على هذه المنتجات والخدمات.

كيف نفهم احتياجات ورغبات المستهلكين؟

تستطيع فهم السوق واحتياجات العملاء بطرق مختلفة، مثل:

1- عمل الاستبيانات، مجموعات التركيز – Focus Groups، أو أبسط شيء التحدث إلى العملاء والتعرف بشكل مباشر على احتياجاتهم ورغباتهم.

2- مراقبة وتحليل سلوك العميل تجاه منتجك أو البراند الخاص بك، مثل استخدام  أداة Hotjar التي توضح لك الأجزاء التي يتم الضغط عليها بكثرة في الويب سايت الخاص بك، وبالتالي تستطيع فهم سلوك العميل تجاه ما تقدمه من منتج أو خدمة.

3- تحليل السوشيال ميديا: يمكنك أيضا فهم احتياجات ورغبات العملاء من خلال مراقبة تفاعلاتهم على السوشيال ميديا، كيف يتفاعلون على منتجاتك و منتجات المنافسين، كيف يتكلمون عن المنتج أو الخدمة التي تقدمها. هناك أدوات لذلك مثل أداة  Social Blade و Fanpage Karma.

هذه كانت مجرد أمثلة من ضمن طرق كثيرة تستطيع استخدامها لفهم احتياجات ورغبات المستهلكين، قد نُفرد لها مقالا خاصا، ولكن قبل أن ننتهي من هذه المقالة عن الفرق بين الحاجة والرغبة والطلب، سنلخص بعض النقاط عن أهمية التعرف على احتياجات ورغبات المستهلكين.

1- نتائج أفضل لحملاتك التسويقية:

فهمك لاحتياجات ورغبات العملاء يساعدك في صياغة رسائلك التسويقية بشكل يناسبهم ويؤثر فيهم، وبالتالي نتائج أفضل لحملاتك التسويقية.

2- تطوير المنتج بشكل فعال:

 حين تفهم احتياجات ورغبات المستهلكين بشكل جيد، ستعرف كيف تطور منتجك أو الخدمة بطريقة فعالة تناسبهم، ولن تكون استراتيجية تطوير المنتج عشوائية ولا تناسب عملائك!

3- بناء الموقع الذهني/التموقع الذهني:

 فهمك لرغبات العملاء واحتياجاتهم يساعدك في اختيار الموقع الذهني الأنسب لهم. فمثلا براند مثل شوكولاتة سنيكرز عملائها هم أشخاص يريدون سد جوعهم ولكن من خلال شيء يعطيهم طاقة وفيه شوكولاتة ومليء بالسكريات، فاختار لنفسه موقعه الذهني الحالي وهو أن يكون أكثر شوكولاتة مشبعة، وهذه هي الرسالة التي دائما يكررها في حملاته التسويقية، ليثبت عند عملائه أنه أنسب حل لسد احتياجاتهم ورغباتهم، وهذا هو الموقع الذهني الذي يجعله يطور دائما من منتجه ليكون أكثر شبعا كل يوم!

حسام حسان

صاحب موقع التسويق اليوم وشركة فيركسام للتسويق، وصاحب 7 كتب من ضمنهم الماركيتنج بالمصري، وماركتينج من الآخر، والبيع الصعب، مع خبرة عملية لأكتر من 10 سنين في التدريب والتسويق لشركات في مختلف المجالات داخل وخارج مصر.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى